خلص تقرير صادر عن البنك المركزي الأردني أمس إلى أن نسبة مديونية الأفراد إلى دخلهم ارتفعت عما كانت عليه في السنوات الأخيرة لتبلغ حوالي 60 % في نهاية العام 2013، بينما شكلت نسبة مديونية الأفراد إلى الناتج المحلي الإجمالي ما نسبته 32 %.
وتعتبر هذه النسب ضمن المستويات المقبولة مقارنة مع عدد من الدول الأخرى في المنطقة والعالم.
وبين تقرير المركزي الأردني والصادر بعنوان: "الاستقرار المالي"، والمعني برصد المؤشرات النقدية، أن هناك توجها من البنوك نحو إقراض الأفراد؛ حيث ارتفعت التسهيلات الممنوحة للأفراد إلى حوالي 38 % من اجمالي تسهيلات البنوك في العام 2013 مقابل حوالي 36 % للعام 2012.
وقال البنك المركزي، في بيانه أمس، "لقد أصبح هدف تحقيق الاستقرار المالي والمصرفي من أهم الأهداف التي تسعى لتحقيقها البنوك المركزية في العالم، خاصة بعد الأزمة المالية العالمية، ولهذا الغرض قام البنك المركزي الأردني بتأسيس دائرة مستقلة في بداية العام 2013 تحت مسمى "دائرة الاستقرار المالي" لمتابعة الأوضاع المالية للبنوك والمؤسسات المالية على المستوى الكلي وعلاقتها بالأوضاع والتطورات الاقتصادية ومدى ملاءمتها للظروف والمستجدات.
ونوه البنك المركزي الى أنه يُقصد بالاستقرار المالي تعزيز قدرة البنوك والمؤسسات المالية الأخرى على مواجهة المخاطر والحد من أي اختلالات هيكلية ولا يُقصد به تحليل أوضاع الموازنة العامة للدولة وتحقيق استقرارها المالي الذي يعتبر هدفاً أساسياً ومهماً للسياسة المالية التي تديرها وتنفذها وزارة المالية.
وقام البنك المركزي بإصدار تقرير الاستقرار المالي لعام 2013 والذي يأتي إصداره كثاني تقرير بعد تأسيس دائرة الاستقرار المالي بهدف القاء الضوء على التطورات التي يشهدها القطاع المصرفي والمالي في الأردن والجهود المبذولة لمواصلة الارتقاء به، فضلاً عن تقييم ادائه والوقوف على المخاطر التي قد تواجهه.
وبين التقرير أن الجهاز المصرفي يشكل ما يُقارب 94 % من حجم القطاع المالي، وبالتالي فإن البنوك تعتبر المكون الرئيسي للقطاع المالي في الأردن، مشيرا الى أن المملكة تتمتع بجهاز مصرفي سليم ومتين قادر بشكل عام على تحمل الصدمات والمخاطر المرتفعة نتيجة تمتع البنوك في الأردن بمستويات مرتفعة من رأس المال هي الأعلى تقريباً في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، بالإضافة الى تمتع هذه البنوك بمستويات مريحة من السيولة والربحية.
ولفت البنك المركزي الأردني في تقريره الى التحسن الملحوظ الذي طرأ على معظم النسب والمؤشرات المالية للبنوك مثل نسبة الديون غير العاملة ونسبة تغطية المخصصات للديون غير العاملة ونسبة كفاية رأس المال ونسب السيولة والربحية.
كما بين التقرير تحسن مستوى الكفاءة التشغيلية للبنوك في الأردن من خلال انخفاض نسبة المصاريف التشغيلية والمخصصات إلى إجمالي الدخل وارتفاع إنتاجية الموظف الواحد، وبالرغم من هذا التحسن إلا أن هامش أسعار الفائدة في الأردن ما يزال مرتفعاً مقارنة بكثير من الدول، وستنصب جهود البنك المركزي على تخفيض هامش أسعار الفائدة لدى البنوك من خلال حث البنوك على الاستمرار في تحسين كفاءتها التشغيلية وعكس هذا التحسن على تخفيض أسعار الفائدة وبالتالي زيادة مساهمة البنوك في تمويل النشاطات الإقتصادية المختلفة بكلفة مناسبة.
أما بالنسبة للمؤسسات المالية غير المصرفية مثل: شركات التأمين، شركات التمويل الأصغر، شركات التأجير التمويلي وشركات الصرافة، فقد استعرض التقرير أهم التطورات المالية التي طرأت عليها، بالإضافة إلى استعراض أوضاع بورصة عمان وأهم التطورات التي شهدتها خلال العام 2013، مقارنةً مع العام 2012؛ حيث بين التقرير أن بورصة عمان شهدت تبايناً في أدائها خلال العام 2013 مقارنة مع العام 2012، حيث ارتفع حجم التداول خلال العام 2013 بنسبة 53 %، كما ارتفع الرقم القياسي لأسعار الأسهم المرجح بالأسهم الحرة بما نسبته 5.5 %، وفي المقابل انخفضت القيمة السوقية للأسهم المدرجة في البورصة بنسبة 4.7 % لتصل إلى 18.2 مليار دينار.
كما تضمن التقرير أيضاً قيام البنك المركزي بالتعاون مع دائرة الأراضي والمساحة بتطوير مؤشر أسعار العقارات وهو مؤشر تم تطويره لأول مرة في الأردن بهدف تقييم أسعار العقارات ومدى تعرض البنوك لمخاطرها، حيث تبين أن ارتفاع أسعار العقارات في الأردن يعتبر طبيعيا ومنسجما مع نسب التضخم العام، هذا وقد شكلت التسهيلات العقارية أو بضمانات عقارية ما يزيد على 35 % من إجمالي التسهيلات الممنوحة من قبل البنوك وبالرغم من ارتفاع هذه النسبة إلا أن القيمة التقديرية للعقارات المرهونة تزيد بهامش مريح عن قيمة التسهيلات الممنوحة حيث تغطي الضمانات العقارية حوالي 141 % من حجم التسهيلات العقارية، مما يعزز من قدرة البنوك على مواجهة مخاطر هذه التسهيلات.
كما تناول التقرير أيضاً سياسة البنك المركزي وإجراءاته لتعزيز الاشتمال المالي في المملكة وذلك من خلال التركيز على تعزيز الاستقرار المالي بهدف تحديد ومراقبة وضبط المخاطر التي تواجه القطاع المالي والمصرفي على المستوى الكلي، كما بدأ البنك المركزي بوضع إطار شامل لإدارة الأزمات المصرفية لتقليل آثارها على الاستقرار المالي في حال حدوثها.
كما ركز التقرير على محور حماية العملاء وتعليمات التعامل مع العملاء بعدالة وشفافية رقم (56/2012) بهدف تعزيز الشفافية والعدالة عند تعامل البنوك مع عملائها وذلك بهدف حماية العملاء وتعزيز تنافسية القطاع المصرفي وحماية البنوك من مخاطر السمعة والمخاطر القانونية، وكذلك قام البنك المركزي باستحداث قسم خاص يُعنى بحماية العملاء، كما سيدرس مستقبلاً توسيع نطاق حماية العملاء لديه بحيث يشمل عملاء المؤسسات المالية الأخرى.
كما ركز التقرير على التوعية المالية والمصرفية وقيام البنك المركزي بإجراء عدة مشاورات مع الأطراف المعنية بموضوع الثقافة المالية، وتم وضع تصور متكامل وخطة عمل واضحة لإطلاق برنامج للتعليم المالي في المدارس، هذا وقد تم بموافقة دولة رئيس الوزراء تشكيل لجنتين لإعداد وتنفيذ هذا البرنامج (لجنة توجيهية ولجنة فنية).
وركز التقرير على توفير البنية التحتية اللازمة لتعزيز الاشتمال المالي، متوقعا أن يتم خلال هذا العام أن يتم ترخيص أول شركة معلومات ائتمانية خاصة والتي ستوفر قاعدة معلومات ائتمانية شاملة عن عملاء البنوك والشركات المالية الأخرى التي تقدم الائتمان، مما سيساعد هذه الجهات على ترشيد القرارات الإئتمانية وبحيث يتم اتخاذ القرار الائتماني السليم المبني على تقييم دقيق لقدرة العملاء على السداد وتسعير المنتجات المصرفية بناء على مخاطر العملاء، بما يعزز من فعالية إدارة المخاطر لدى البنوك والشركات المالية الأخرى ويحسن من فرص العملاء خاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة على الوصول إلى التمويل، كما قام البنك المركزي بإصدار العديد من التعليمات التي من شأنها تطوير أنظمة الدفع والتقاص والتسويات.
وأشار التقرير الى تحسين الوصول إلى التمويل خاصة للشركات الصغيرة والمتوسطة: حيث قام البنك المركزي الأردني خلال الفترة الماضية بالتعاون مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي ومؤسسات تمويل دولية وإقليمية بحشد الجهود لتوفير التمويل لقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة بآجال وكلفة مناسبة، إلا أن البنك المركزي يدرك أن هذا القطاع ما يزال بحاجة إلى تضافر جهود أكبر لدعمه وتطويره.
كما تضمن التقرير نتائج اختبارات الأوضاع الضاغطة التي تستخدم لقياس قدرة البنوك على مواجهة المخاطر، حيث أظهرت نتائج هذه الإختبارات أن الجهاز المصرفي في الأردن قادر بشكل عام على تحمل الصدمات والمخاطر المرتفعة بالإضافة إلى تحسن قدرة البنوك على مواجهة هذه المخاطر وفقاً لنتائج العام 2013 بالمقارنة مع نتائج العام 2012، وهذا يعود إلى ارتفاع أرباح البنوك بشكل ملحوظ العام 2013 وتمتعها بمستويات مرتفعة من رأس المال والتي تعتبر من أعلى المستويات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. هذا وسيستمر البنك المركزي بتطوير هذه الاختبارات وإجراء المزيد منها أخذاً بالاعتبار تطورات المخاطر على المستوى الدولي والإقليمي والمحلي للتأكد من سلامة ومتانة الجهاز المصرفي الأردني.
أما بخصوص التطورات الاقتصادية في الأردن، فقد بين التقرير أنه قد طرأ تحسن على معظم المؤشرات الإقتصادية والنقدية في الأردن لعام 2013 مقارنةً مع العام 2012.
Comments (0)